فمنا الكثيرون ممن تقلد بأصناف اليسار و اليمين الغربي, و نسينا ان الله قد جعلنا قوماً وسطا
من المدهش ما نراه في هذه الأيام, من مفارقة ما بين الموقف الرسمي للحكومات العربية الساجدة امام هيمنة الغرب و اسرائيل, و بين موقف الشعوب العربية و الاسلامية ضد الاستعمار الجديد الذي نراه يتبلور امام أعيننا يوماً بعد يوم. من المحيط الى الخليج, الحكام العرب قد أثبتو, و كأن الاثبات كان لازم مع هؤلاء, انهم لا يصلحو لأي نوع من الحكم الا حكم الأعدام. نرى أن قضية فلسطين أصبح من أشد مناصريها بلاد غير عربية كفنزويلا و تركية و الباكستان. حين قام رئيس وزراء تركية السيد رجب أردوغان احتجاجاً على تصريحات الرئيس الأسرائيلي, بقي عمر موسى على المنصة كالأبله لأن أحد لم يأذن له بالاستنكار. و حتى ان ظننا للحظة أن أردوغان أصبح البطل الجديد للعرب, نجد كيف أصلح العلاقات مع اسرائيل بسرعة فائقة, فاذا به يصرح انه لم يغضب مما قاله بيريز بل لأنه لم يسمح له التحدث لنفس المدّة و هذا ما أثار غضبه و فورته! هكذا نحن العرب, كالغريق نلتقت القش بآخر أنفاسنا بانتظار البطل المغوار الذي يرد لنا اعتبارنا و كرامتنا المهدورة لأكثر من خمسمائة عام. هل هذا كل ما نستطيع أن نتوقعه؟ هل هذا ما وصل به قومنا من انحطاط و يأس؟ الجواب ببساطة - لا
نحن قوم أعزنا الله بالاسلام, فان ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله - هكذا قال عمر بن الخطاب, و كم نحن بحاجة للعزة في أيامنا هذه و لهمجية عربية غاضبة لا يمكن للعقلانية الغربية المادية من تلويثها و ترويضها. الانسان العربي ممنوع عليه ان يكون مثقف عربي, فيجب أن يكون مثقف بالتراث الغربي و العلماني العالمي, اما كمناصر للحكام, و يكون دمية امام أسيادهم الامريكان, أو يكون مفكر "مضطهد" و دمية مفيدة للاستعمار. اما من كانت لحيته طويلة أو كان يتكلم في الفصحة - انسى. فهو في السجن أو مقبور في قبر جماعي في الصحراء, أو مغترب عن بلاده و مرمي في بلاد الله الواسعة. فهو يصبح فوراً "وهابي" أو "متطرف" أو "متخلف" حين يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر. حتى هذه الجملة أصبحت قذرة و هنا الشكر لسلاطين المملكة السعودية (الحجاز) في تطبيقهم لفكر شاذ و متعصب, فظ و غليظ القلب, ينفر الناس منه بدل من أن يدعو الناس اليه. نحن في زمن الفتن و الكذب, الغلط فيه واسعاً و له زينة جميلة, و الصحيح أصبح مكروه و بمنظر قبيح. من يقرأ ما أكتب سيظن أني أصبحت متطرفاً, و الصحيح أبعد من ذلك بكثير. الحقيقة هو اني وجدت انه ثمة ظاهرة او ربما شخص, يريد ان ينسيني تراثي و تاريخي. يريد ان ينسيني حتى لغتي, فهكذا لا يكون لي وسيلة الى ابن خلدون, و قيس و ليلة, و المتنبي, و ابن عربي أو الكندي, و أهم من ذلك لن يعود لي صلة بالقرآن الكريم, ذلك الكتاب الذي دائماً يصور لنا بأنه صعب و غريب, و من المستحيل فهمه. حتى صرنا لا نمسه لكثرة قداسته, و لا نعلم مضمونه لخوفنا منه, حتى نسينا الوضوء و الصلاة, و الجهاد و المحبة. بدلاً منه, أصبح لنا ال "ستالايت" و روتانا. أصبحنا ننظر لمن نحن من خلال شاشة, هذه الشاشة تعلمنا تاريخنا و مبادئنا, تعلم أطفالنا, فنحن لم نعد نجيد السباحة و ركوب الخيل. هناك من لم يريد مني ان اقرأ, و هذه أول كلمة أتى بها جبريل عليه السلام الى المصطفى عليه الصلاة و السلام. الملك الجديد, ملك الشاشة, يقول لنا دوماً لا تقرأ! و كلما قلنا له اننا قارئون ألح و أصر, لا تقرأ! حتى بقينا كالجاهلين, ثقافتنا ثقافة المسلسلات و الأفلام على أقراص ال دي في دي. من كان منا يريد القراءة الآن, فله الفكر الغربي بكل افلاسه, فمنا الكثيرون ممن تقلد بأصناف اليسار و اليمين الغربي, و نسينا ان الله قد جعلنا قوماً وسطا. يا عرب, يا مسلمين, أفيقو, و أقرأو
No comments:
Post a Comment